إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
130384 مشاهدة
الرد على الفلاسفة فيما يتعلق بخلق الإنسان والروح والبعث

...............................................................................


لا شك أن الإنسان العاقل إذا تفكر علم أن له خالقًا خلقه. يعتقد الفلاسفة والعياذ بالله أن نوع الإنسان هذا ليس له مبدأ أبدا، وينكرون أن يكون خلق من تراب، وينكرون أن يكون هناك أبوهم الذي هو آدم وأنه خلقه الله من طين لازب، بل يعتقدون أن هذا قديم ليس له مبدأ، وكذلك أيضا ينكرون خلق الدواب ونحوها بل يعتقدون أنها ليس له مبدأ وأن تبقى هكذا، وكذلك أيضا ينكرون البعث الجسماني الذي هو بعث الأموات وإعادتهم إلى الحياة الدنيا، فيعتقدون أنه ليس هناك بعث جسماني بل من مات فإنه يفنى، ولا يعود إلى الحياة الدنيا.
والذين يسمون أنفسهم الفلاسفة الإلهيون الذين يعتقدون وجود الإله الخالق ينكرون إعادة بعث الأجسام، ويجعلون الثواب على الأرواح؛ الأرواح التي فارقت الأجسام يعتقدون أنها الباقية، وأنها التي تحاسب فتثاب أو تعاقب مع أنهم مضطربون اضطرابا شديدا في ماهية هذه الأرواح؛ هم يعتقدون ويعرفون أن هناك أرواحا تحيا بها هذه الأجسام؛ لأنهم يشاهدون أن الإنسان حي في وقت من الأوقات، ثم يشاهدونه ميتًا ليس فيه روح وليس فيه حركة، فيعتقدون أن الحياة التي كانت تعمُره قد فارقته وقد خرجت منه، فأين تذهب تلك الروح؟ اضطربوا فيها ويسمونها النفس الباصرة، ويعتقد كثير منهم أن الأرواح هي هذا الكون كله، وآخرون يصفونها بما يصفون به واجب الوجود كما يقولون. وهي صفة تؤدي إلى العدم؛ لأنهم يصفون واجب الوجود الذي هو الخالق بصفات لا فرق بينه وبين المعدوم، وكذلك أيضًا صفاتهم للنفس الناطقة.
فنقول: إن في هذا تسوية بين الخالق والمخلوق. يعتقد أن المخلوقين ليس لهم مبدأ فمعناه أنه ليس لهم منتهى ومعناه أنهم مساوون للإله القديم، أن الإنسان قديم والله تعالى قد ذكرنا بمبدأ خلق الإنسان، أنه خلق من طين الله الذي خلقكم من طين يعني: خلق أباكم من طين لازب.
وكذلك أيضا أخبر بأنه خلق بقية المخلوقات والدواب والحشرات من الماء، كما قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ وكذلك أيضا أخبر بأن الدواب كلها خلقه، وأنه هو العالم بها فيقول تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ أمم ، أي: كل جنس أمة من الأمم قدر الله وجودها، ولا تعدم إلا إذا شاء الله تعالى، وتتفاوت في كبرها وصغرها.
حكى النبي صلى الله عليه وسلم عن نبي من الأنبياء. قرصته نملة فأمر بإحراق وادي النمل كله فأوحى الله إليه: أفلا نملة واحدة؟ يعني لماذا تتسلط على وادي النمل أو على كثير النمل مع أن ما آذاك واحدة؟ أهلكت أمة تسبح أو أمة من الأمم. خلقها الله تعالى لحكمة، الله أعلم بها، فنقول: إن الذين يتفكرون في مبدأ خلقهم. يرون العبرة يرون العظة في ذلك. يعرفون أنهم ما خلقوا عبثا ولن يتركوا هملا، ولذلك يقول الله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ يقينا أنهم لم يخلقوا من غير شيء بل خلقوا من شيء، ويقينا أنهم ليسوا هم الخالقين لا يخلقون أنفسهم ولا يخلق بعضهم بعضا، فليس الإنسان هو الذي يخلق أولاده.
لو كان هو الذي يخلق أولاده مثلا لاختار أن يكونوا ذكورا مثلا، ولاختار أن يكونوا كلهم على أحسن خلقة وعلى أحسن صورة، ولاختار أن لا يكون فيهم ناقص الخلقة ولا أن يكون فيهم عيب أو نحو ذلك، ولكن الله هو الذي يخلقهم وهو الذي يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ يعني يعطي بعضهم ذكورا وإناثا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا .
وهو الذي أوجد الأب، فخلق آدم من تراب من غير أب ولا أم، ثم خلق زوجته منه من ضلع من أضلاعه من ذكر بلا أنثى، ثم خلق عيسى عليه السلام من أنثى بلا ذكر. قدر الله أنها تحبل من دون أن يمسها بشر، فولدت بشرا سويا. كذلك بقية الخلق خلقهم من ذكر وأنثى. لا شك أن خلقه لهم دليل على كمال قدرته وأنه المنفرد بالخلق وحده.